صالح الفوزان: عالم الشريعة الإسلامية وفقيه العصر

Nov 6, 2025 by orovajewels.com 51 views

صالح الفوزان: عالم الشريعة الإسلامية وفقيه العصر

صالح الفوزان، اسم يتردد صداه في أوساط العلماء وطلاب العلم الشرعي، فهو قامة شامخة في الفقه والعقيدة، وأحد أبرز علماء الشريعة الإسلامية في العصر الحديث. يشتهر الشيخ بعلمه الغزير، ودقته في الاستنباط، والتزامه بمنهج السلف الصالح، مما جعله مرجعًا موثوقًا للمسلمين في شتى بقاع الأرض. في هذا المقال، سنتناول جوانب مختلفة من حياة الشيخ الفوزان، وإسهاماته العلمية والدعوية، ومواقفه الفكرية، لنقدم للقارئ صورة شاملة عن هذه الشخصية البارزة.

النشأة والتعليم

ولد صالح الفوزان في عام 1354 هـ (1935 م) في محافظة الشماسية بمنطقة القصيم في المملكة العربية السعودية. نشأ في بيئة دينية محافظة، حيث كان والده قاضيًا وإمامًا، مما أثر بشكل كبير في تكوينه الفكري والديني. بدأ الشيخ الفوزان تعليمه في الكتاتيب، حيث حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية في الشماسية، وأكمل دراسته فيها. بعد ذلك، التحق بالمعهد العلمي في بريدة، وهو من المعاهد الشرعية المرموقة في المملكة، وتخرج منه في عام 1373 هـ (1954 م). خلال فترة دراسته في المعهد العلمي، تلقى الشيخ الفوزان العلم على يد نخبة من العلماء الأجلاء، الذين كان لهم تأثير كبير في تكوينه العلمي، وتوجيهه نحو التفقه في الدين. من أبرز هؤلاء العلماء: الشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي، والشيخ صالح السكيتي، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ إبراهيم بن محمد السالم. بعد تخرجه من المعهد العلمي، التحق الشيخ الفوزان بكلية الشريعة في الرياض، وتخرج منها في عام 1377 هـ (1958 م). خلال فترة دراسته في كلية الشريعة، واصل الشيخ الفوزان تلقي العلم على يد كبار العلماء، منهم: الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل الشيخ. بعد تخرجه من كلية الشريعة، عين الشيخ الفوزان مدرسًا في المعهد العلمي في الرياض، ثم انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة، ثم عين قاضيًا في المحكمة الكبرى في الرياض، ثم عاد إلى التدريس في كلية الشريعة، ثم عين عضوًا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهو المنصب الذي يشغله حتى الآن. لقد كانت نشأة الشيخ الفوزان في بيئة دينية محافظة، ودراسته على يد كبار العلماء، من العوامل التي ساهمت في تكوينه العلمي المتميز، وجعلته أحد أبرز علماء الشريعة الإسلامية في العصر الحديث.

الإسهامات العلمية والدعوية

تزخر حياة الشيخ صالح الفوزان بالإسهامات العلمية والدعوية التي أثرت المكتبة الإسلامية، وأفادت المسلمين في شتى بقاع الأرض. للشيخ الفوزان مؤلفات عديدة في مختلف العلوم الشرعية، منها: الفقه، والعقيدة، والتفسير، والحديث، والأصول، وغيرها. من أبرز مؤلفات الشيخ الفوزان: “شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري”، و”شرح العقيدة الواسطية”، و”شرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب”، و”الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد”، و”مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان”. تتميز مؤلفات الشيخ الفوزان بالدقة والوضوح والعمق، والتزامها بمنهج السلف الصالح، مما جعلها مرجعًا موثوقًا للعلماء وطلاب العلم. بالإضافة إلى مؤلفاته، للشيخ الفوزان العديد من المحاضرات والدروس والندوات التي ألقاها في مختلف المناسبات، والتي تم تسجيلها ونشرها، واستفاد منها الكثيرون. كما أن للشيخ الفوزان مشاركات فعالة في وسائل الإعلام المختلفة، من خلال البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والمقالات الصحفية، والمواقع الإلكترونية، حيث يجيب على أسئلة الناس، ويوجههم، وينصحهم، ويبين لهم الحق. وتعد مشاركات الشيخ الفوزان في البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والمقالات الصحفية، والمواقع الإلكترونية، من الوسائل الفعالة التي يستخدمها الشيخ في الدعوة إلى الله، ونشر العلم الشرعي. كما أن للشيخ الفوزان جهودًا كبيرة في مجال الدعوة إلى الله، حيث يقوم بإلقاء المحاضرات والدروس في المساجد والجامعات، ويشارك في المؤتمرات والندوات العلمية، ويوجه النصح والإرشاد للمسلمين. يركز الشيخ الفوزان في دعوته على التوحيد، والسنة، ونبذ البدع والخرافات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، والمعاملة الحسنة. إن إسهامات الشيخ الفوزان العلمية والدعوية، تعكس حرصه الشديد على نشر العلم الشرعي، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتوجيه المسلمين نحو الحق والصواب.

المواقف الفكرية

يتميز الشيخ صالح الفوزان بمواقفه الفكرية الثابتة، والتي تعكس التزامه بمنهج السلف الصالح، وحرصه على الدفاع عن الحق، ونصرة الدين. يرى الشيخ الفوزان أن الإسلام هو الحل لجميع مشاكل المسلمين، وأن تطبيق الشريعة الإسلامية هو السبيل إلى تحقيق العدل والأمن والاستقرار في المجتمعات الإسلامية. كما يرى الشيخ الفوزان أن الوحدة الإسلامية هي ضرورة شرعية، وأن على المسلمين أن يتحدوا ويتعاونوا فيما بينهم، وأن يتجنبوا الفرقة والاختلاف. يحذر الشيخ الفوزان من البدع والخرافات، ويدعو إلى التمسك بالسنة النبوية، والابتعاد عن كل ما يخالفها. كما يحذر الشيخ الفوزان من الغلو والتطرف، ويدعو إلى الوسطية والاعتدال في الدين. ينتقد الشيخ الفوزان العلمانية والليبرالية، ويرى أنهما تتعارضان مع الإسلام، وتؤديان إلى الفساد والانحلال. كما ينتقد الشيخ الفوزان التقليد الأعمى للغرب، ويدعو إلى التمسك بالهوية الإسلامية، والحفاظ على القيم والأخلاق الإسلامية. تعد مواقف الشيخ الفوزان الفكرية، تعبيرًا عن غيرته على الدين، وحرصه على الدفاع عن الحق، ونصرة الإسلام، ومواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية. الشيخ الفوزان مدافع قوي عن السنة النبوية، ويعتبرها المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، ويرى أن السنة النبوية هي المبينة والمفسرة للقرآن الكريم، وأنها لا يمكن الاستغناء عنها. كما يرى الشيخ الفوزان أن السنة النبوية حجة قائمة بذاتها، وأن إنكارها أو الاستهانة بها هو ضلال وانحراف. إن دفاع الشيخ الفوزان عن السنة النبوية، يعكس إيمانه العميق بأهمية السنة النبوية في الإسلام، وحرصه على الحفاظ عليها، ونشرها بين المسلمين.

مكانته بين العلماء

يحظى الشيخ صالح الفوزان بمكانة مرموقة بين العلماء وطلاب العلم، وذلك لما يتمتع به من علم غزير، وفقه عميق، والتزام بمنهج السلف الصالح. يعتبر الشيخ الفوزان مرجعًا موثوقًا للعلماء وطلاب العلم، حيث يرجعون إليه في المسائل الشرعية، ويستفتونه في القضايا الفقهية. يشهد العلماء للشيخ الفوزان بالعلم والفضل والتقوى، ويثنون على جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين. يعتبر الشيخ الفوزان من العلماء الربانيين الذين جمعوا بين العلم والعمل، وبين القول والفعل، وبين النظر والتطبيق. يقتدي العلماء وطلاب العلم بالشيخ الفوزان في علمه وعمله وأخلاقه وتواضعه، ويتعلمون منه الصبر والثبات والإخلاص. إن مكانة الشيخ الفوزان بين العلماء، تعكس تقديرهم لعلمه وفضله وتقواه، واعترافهم بدوره البارز في خدمة الإسلام والمسلمين. الشيخ الفوزان عضو في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وهي أعلى هيئة علمية في المملكة، وتضم نخبة من كبار العلماء والمفكرين. كما أن الشيخ الفوزان عضو في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وهي اللجنة المسؤولة عن إصدار الفتاوى الشرعية في المملكة. إن عضوية الشيخ الفوزان في هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، دليل على الثقة الكبيرة التي يحظى بها الشيخ لدى ولاة الأمر والعلماء والمجتمع.

خلاصة

صالح الفوزان، عالم جليل، وفقيه متمكن، وداعية مخلص، ترك بصمة واضحة في تاريخ العلم الشرعي في العصر الحديث. لقد أفنى الشيخ الفوزان حياته في خدمة الإسلام والمسلمين، ونشر العلم الشرعي، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. إن حياة الشيخ الفوزان وإسهاماته العلمية والدعوية، ومواقفه الفكرية، تمثل نموذجًا يحتذى به للعلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله. نسأل الله أن يبارك في عمر الشيخ الفوزان، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم للإسلام والمسلمين، وأن يجعل علمه وعمله خالصًا لوجهه الكريم.